السيلياك وحساسية القمح و الغلوتين

حمية السيلياك هل هي رفاهية أم قرار مصيري

الدكتورة روان الجبوري

حمية السيلياك ضرورية للغاية للأشخاص المصابين بمرض السيلياك، حيث تعتمد فعالية العلاج بشكل رئيسي على اتباعها والالتزام بها.

تابع المقال للتعرف على تفاصيل أكثر حول هذا النظام الغذائي.

ما هو مرض السيلياك وكيف يرتبط بحمية السيلياك؟ 

يعاني مرضى السيلياك من صعوبة في تحديد الأطعمة المناسبة لحالتهم الصحية، إذ قد يخطئ بعضهم في اعتبار بعض الأطعمة آمنة وهي في الواقع غير ذلك.  لذا؛ دعونا بدايةً نستعرض ما هو مرض السيلياك وما هي أعراضه، و ما هي الخطوات التي تساهم في تحسين جودة حياة المرضى وتسهيل عملية اختيار الطعام المناسب لهم.

مرض السيلياك هو حالة صحية ناجمة عن استجابة مناعية غير طبيعية تجاه الغلوتين؛ وهو بروتين موجود بشكل رئيسي في القمح والشعير. عندما يستهلك الأشخاص المصابون بالسيلياك الغلوتين، ينشط جهازهم المناعي ويهاجم بطانة الأمعاء الدقيقة؛ مما يؤدي إلى تلفها بمرور الوقت. هذا التلف يعيق قدرة الأمعاء على امتصاص العناصر الغذائية بشكل صحيح، مما يؤدي إلى حالة تُعرف بسوء الامتصاص.

الأعراض التي قد يعاني منها المرضى تشمل الإسهال، التعب، فقدان الوزن، الانتفاخ، وفقر الدم. إذا لم يتم التعامل مع المرض بشكل مناسب، قد تحدث مضاعفات خطيرة.

 وفي الأطفال، يمكن أن يؤثر سوء الامتصاص بشكل كبير على النمو والتطور بالإضافة إلى الأعراض الهضمية.

لا يوجد حالياً علاج نهائي لمرض السيلياك، لذا يُطلب من المصابين اتباع نظام غذائي صارم خالٍ من الغلوتين، وهو ما يُعرف بحمية السيلياك، لتمكين الجسم من الشفاء.

حمية السيلياك
حمية السيلياك

ما هي حمية السيلياك ؟

حمية السيلياك تعتمد على استبعاد الغلوتين تمامًا من النظام الغذائي، وهو بروتين يتواجد في القمح والشعير. الالتزام التام بهذه الحمية أمر لا بد منه لتجنب تلف الأمعاء والحفاظ على الصحة العامة. و بالرغم من أنّ تجنب جميع الأطعمة المحتوية على الغلوتين يشكل تحديًا كبيرًا، إلا أنه خطوة ضرورية للوقاية من الأعراض وتحسين جودة الحياة.

ما هي ايجابيات حمية السيلياك؟

  • التقليل من أعراض مرض السيلياك

يعاني العديد من مرضى السيلياك من أعراض مزعجة مثل الإسهال، وعسر الهضم، وآلام البطن، والتعب، والصداع.

وقد أثبتت الدراسات أنَّ الالتزام بحمية السيلياك لمدة لا تقل عن عام يساهم في تحسين هذه الأعراض لدى أكثر من 90% من المرضى، مما يؤدي إلى تحسُّن ملموس في نوعية حياتهم.

وتُعد الأعراض المعوية، مثل الإسهال، من أولى الأعراض التي تبدأ بالتحسن، حيث يشعر بعض المرضى بالراحة بعد يومين فقط من اتباع النظام الغذائي الخالي من الغلوتين.

بشكل عام، يستغرق الأمر حوالي شهر لملاحظة تحسن كبير في حركة الأمعاء، والتخلص من الانتفاخ وآلام البطن.

  • منع تلف الأمعاء الدقيقة

بالنسبة للأشخاص المصابين بمرض السيلياك، يؤدي تناول الغلوتين إلى استجابة مناعية ذاتية تُلحِقْ الضرر بالأمعاء الدقيقة، حيث يتم امتصاص العناصر الغذائية. تعمل حمية السيلياك على منع هذه الاستجابة المناعية، مما يتيح للأمعاء الدقيقة فرصة للشفاء واستعادة وظائفها الطبيعية.

يتطلب هذا الشفاء وقتًا، لذا كلما بدأ المريض في اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين مبكرًا، كان ذلك أفضل.

تشير إحدى الدراسات إلى أن حوالي 95% من الأطفال المصابين الذين اتبعوا حمية السيلياك لمدة عامين لم تظهر لديهم أي علامة تشير إلى تلف الأمعاء. وفي المقابل، قد تكون عملية التعافي أبطأ لدى البالغين، حيث يتراوح معدل الشفاء بين 34% و65% خلال عامين. ولكن بعد خمسة أعوام أو أكثر من الالتزام بالحمية، ترتفع نسبة الشفاء لتصل إلى ما بين 66% و90%.

يمكن للكميات الصغيرة من الغلوتين أن تعيق عملية شفاء الأمعاء؛ لذلك يعدّ الالتزام الصارم بتجنب الغلوتين أمر بالغ الأهمية.

  • تحسين امتصاص العناصر الغذائية

يعاني مرضى السيلياك من نقص في العناصر الغذائية؛ نتيجة ضعف الامتصاص في الأمعاء الدقيقة المتضررة، و منها الحديد، الكالسيوم، المغنيسيوم، الزنك، فيتامين B12، النياسين، الريبوفلافين، وحمض الفوليك، بالإضافة إلى الفيتامينات A وD وE وK.

في الواقع، يُعد فقر الدم الناجم عن نقص الحديد من أبرز العلامات الدالة على مرض السيلياك لدى البالغين، ومع ذلك، فإن تناول المكملات الغذائية قد لا يكون كافيًا لعلاج هذه النواقص إذا كانت الأمعاء لا تزال متضررة وغير قادرة على امتصاص العناصر الغذائية. هنا تكمن أهمية الالتزام بحمية السيلياك، حيث يمكن أن تساعد في إصلاح الأمعاء وتحسين امتصاص العناصر الغذائية الضرورية.

  • تحسين الخصوبة

تعاني النساء المصابات بمرض السيلياك من معدلات أعلى للعقم وزيادة خطر الإجهاض مقارنة بغيرهن، إذ تشير الأبحاث إلى أن الاستجابة المناعية الذاتية التي يثيرها الغلوتين لدى مرضى السيلياك قد يكون العامل وراء هذه الاضطرابات.

إقرأ المزيد: السيلياك و الحمل

  • تقليل خطر الإصابة بالسرطان

يرتبط مرض السيلياك بزيادة خطر الإصابة بمرض اللمفوما اللاهودجكينية، وهو نوع من السرطانات التي تصيب الغدد الليمفاوية. ومع أن الأبحاث في هذا المجال لا تزال جارية، إلا أن الالتزام بحمية السيلياك  قد يساهم في تقليل هذا الخطر.

  • تقليل خطر الإصابة بهشاشة العظام

تشير التقديرات إلى أن 75٪ من المصابين بمرض السيلياك الذين لا يتبعون حمية خالية من الجلوتين يعانون من ضعف في كثافة العظام، مما يرفع خطر الإصابة بهشاشة العظام؛ السبب وراء ذلك هو ضعف امتصاص الجسم للكالسيوم وفيتامين د.

حمية السيلياك
حمية السيلياك

ما هي أنواع الأطعمة المسموح بها في حمية السيلياك؟ 

هناك العديد من الخيارات الغذائية الطبيعية الخالية من الجلوتين التي يمكن لمرضى السيلياك الاستمتاع بها، ومنها:

  1. البروتينات الحيوانية: اللحم البقري، الدجاج، منتجات الألبان، البيض، الضأن، لحم الخنزير، المأكولات البحرية، والديك الرومي.
  2. الدهون والزيوت: الأفوكادو، زيت جوز الهند، الزيتون، الزيوت بأنواعها، الدهون الصلبة، والزبدة.
  3. الفواكه والخضروات: يمكن تناولها بأي شكل كان، سواء كانت طازجة، مجمدة، مجففة، أو معلبة.
  4. الحبوب والنباتات الشبيهة بالحبوب الخالية من الجلوتين: تشمل:الحنطة السوداء، الذرة، الدخن، الكينوا، الأرز.
  5. الأعشاب والتوابل: جميع الأعشاب والتوابل الطازجة والمجففة خالية طبيعياً من الجلوتين ويمكن استخدامها بحرّية.
  6. البقوليات: الفاصوليا، العدس، الفول السوداني، البازلاء، وفول الصويا.
  7. المكسرات والبذور: أي نوع من المكسرات أو البذور، بما في ذلك اللوز، الكاجو، الشيا، الكتان، الجوز، بذور اليقطين، المكاديميا، والجوز البرازيلي

إقرأ المزيد: تشخيص مرض السيلياك

ما هي أنواع الأطعمة التي يجب تجنبها في حمية السيلياك؟

الأطعمة الوحيدة التي يجب تجنبها في النظام الغذائي لمرضى السيلياك هي تلك التي تحتوي على الغلوتين، تشمل الحبوب التي تحتوي على الغلوتين بشكل طبيعي؛مثل:

  • القمح
  • السميد
  • حبات القمح
  • جنين القمح
  • نخالة القمح
  • الشعير
  • المشروبات الغازية
  • مكعبات المرق
  • الحلوى
  • رقائق البطاطس
  • اللحوم الباردة، النقانق، السلامي، والسجق
  • البطاطس المقلية
  • المرق
  • الأسماك المقلدة
  • خلطات الأرز
  • الصلصات
  • رقائق التورتيلا
  • الحساء
  • صلصة الصويا

هل هناك أفكار لتسهيل اتباع حمية السيلياك؟

بالتأكيد هناك أفكار لنمط حياة خالٍ من الغلوتين، إليك بعض النصائح:

  • قم بفحص ملصقات جميع الأطعمة بدقة؛ حيث يمكن أن يحتوي الغلوتين على منتجات غذائية قد لا تتوقعها.
  • خصص أدوات مطبخ منفصلة لتحضير الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين وتلك الخالية منه.
  • عند تناول الطعام خارج المنزل، إذا كنت غير متأكد من مكونات طبق معين، لا تتردد في سؤال الطاهي عن كيفية تحضيره. يمكنك أيضًا البحث عن قائمة طعام خالية من الغلوتين. معظم المطاعم توفر قوائمها على مواقعها الإلكترونية لتتمكن من الاطلاع عليها قبل الزيارة.
  • استفسر من الصيدلي عما إذا كانت أي من أدويتك تحتوي على القمح أو مشتقاته. يُستخدم الغلوتين في العديد من المنتجات، بدءًا من الأدوية وحتى مستحضرات التجميل مثل أحمر الشفاه ومرطبات الشفاه. يمكن للشركات المصنعة تزويدك بقائمة المكونات إذا لم تكن مذكورة على المنتج. كما تحتوي العديد من الأعشاب والفيتامينات والمكملات الغذائية والبروبيوتيك على الغلوتين.
  • راقب حجم الحصص التي تتناولها. الأطعمة الخالية من الغلوتين قد تكون آمنة وصحية، لكنها ليست خالية من السعرات الحرارية.

مع مرور الوقت سوف تكتسب انت وعائلتك مزيدًا من الخبرة في قراءة ملصقات الأطعمة والمنتجات، و سوف تصبحون أكثر قدرة على اكتشاف مصادر الغلوتين الخفية قبل أن تسبب أي مشكلة. كما يمكنكم الحصول على نصائح وأفكار جديدة من خلال الانضمام إلى مجموعات دعم تساعدكم على التكيف مع نمط حياتكم الجديد، هذه المجموعات تعتبر مصادر رائعة للوصفات الشهية.

وفي الختام، نتمنى للجميع الصحة والعافية. رغم أن الالتزام بحمية السيلياك قد يكون تحديًا، إلا أنه يمكن التغلب عليه باتباع الإرشادات المناسبة، مما يتيح لك إدارة حالتك بفعالية والتمتع بحياة صحية ومريحة.

إقرأ المزيد: هل مرض السيلياك يؤدي إلى الموت؟

المصادر

https://www.nhs.uk/conditions/coeliac-disease/treatment/

https://www.hopkinsmedicine.org/health/conditions-and-diseases/celiac-disease/dietary-changes-for-celiac-disease

https://celiac.org/gluten-free-living/gluten-free-foods/

عرض المزيد

Zahia Al Saleh

مبادرة متحسس لكن مش محروم مبادرة مجانية لخدمة جميع مصابي الحساسية من جميع أنحاء. الحساسية الغذائية المتعددة، تفرض حياة جديدة قاسية مكلفة ماديا واجتماعيا واقتصاديا عليهم.

المقالات المشابهة

زر الذهاب إلى الأعلى