هل تلتزمين بحمية غذائية مع طفلك ولكنها لا تجدي نفعا؟ وتكتشفين أصنافًا جديدة مسببة للحساسية لديه بمرور الوقت؟ هل يعطي جسمه إيجابية اختبار الجلد تجاه مواد معينة رغم عدم ظهور أعراض لردود أفعال تحسسية عليه؟…………….يكمن السبب لكل هذا فيما يعرف بـ(التفاعل التبادلي في الحساسية) أو (Cross reactivity).
ما هو التفاعل التبادلي في الحساسية الغذائية؟
يحدث التفاعل التبادلي عندما تتشابه البروتينات الموجودة في مادة معينة مسببة للحساسية مع بروتينات مادة أخرى، ونتيجة لذلك يخلط جهاز المناعة بينهما ويتعرف عليهما على أنهما نفس المادة.
يظهر التفاعل التبادلي بين طعام وآخر في حالة الإصابة بالحساسية الغذائية. ويحدث أيضا بين اللاتكس والأطعمة أو حبوب اللقاح والأطعمة.
تشخيص التفاعل التبادلِي في الحساسية الغذائية
لا يُعد تشخيص وفحص الحساسية تجاه مسببات الحساسية بالأمر الهين، وذلك بسبب التفاعل التبادلي حيث تتشابه بعض المسببات في بروتيناتها مما يؤدى إلى خلط جهاز المناعة بينهم والتعامل معهم بنفس الطريقة.
قد يكون الشخص لديه حساسية تجاه طعام معين ولكنه يتناوله دون ظهور أي أعراض عليه ولا يسبب له أية مشاكل.
تُظهر فحوصات الدم للجلوبين المناعي IgE وكذلك اختبار وخز الجلد نتيجة إيجابية لنوع من الطعام بسبب ردود الفعل التحسسية تجاهه مع عدم ظهور أعراض.
يوصي الطبيب نتيجة الفحوصات الإيجابية بسبب التفاعل التبادلي باتباع حمية غذائية معينة من أجل سلامة طفلك.
ما الفرق بين التفاعل التبادلي (Cross reactivity) والتلامس المتبادل (Cross Contact)؟
كما ذكرنا من قبل التفاعل التبادلي ما هو إلا تشابه البروتينات في مسبب حساسية معين مع بروتينات مسبب آخر، ونتيجة لذلك يخلط جهاز المناعة في التعرف على هذه البروتينات.
بينما يحدث التلامس المتبادل عند ملامسة طعام معين مع طعام آخر وتختلط البروتينات مع بعضها، ونتيجة لذلك يحتوي كل منهما على كمية ضئيلة من الآخر. تكون هذه الكمية ضئيلة جدا بحيث لا يمكن رؤيتها، ولكنها تسبب ردود أفعال تحسسية لدى مريض الحساسية.
أمثلة على التفاعل التبادلِي في حساسية الغذاء
1- التفاعل التبادلي بين حليب الأبقار وحليب الثدييات الأخرى
هناك درجة عالية من التفاعل التبادلي بين حليب الأبقار وحليب الثدييات الأخرى كالماعز والأغنام نتيجة تشابه البروتينات في كل منهما.
أثبتت الدراسات أنه قد تصل خطورة الحساسية تجاه حليب الماعز أو الأغنام في الشخص المتحسس من حليب الأبقار إلى 90%.
2- التفاعل التبادلي بين الأطعمة من نفس المجموعة الحيوانية
يعد هذا التفاعل التبادلي غيرَ شائعٍ حيث يمكن للشخص المتحسس من حليب الأبقار أن يأكل لحم الأبقار، وكذلك يمكن للمتحسس من البيض أن يأكل لحم الدواجن بدون ظهور أى أعراض لردود أفعال تحسسية تجاه هذه اللحوم.
3- التفاعل التبادلي بين الفول السوداني وغيره من الفصيلة القرنية
إن الفول السوداني وفول الصويا من العائلة القرنية التي تحتوي أيضا على العدس والبقوليات الأخرى كالفاصوليا والفول.
ربما يجول بخاطرك سؤال هنا وهو هل يمكن لمن يعاني من حساسية تجاه الفول السوداني تناول أطعمة أساسها فول الصويا والبقوليات الأخرى أم لا؟
وللإجابة على هذا السؤال إليكِ نتائج الدراسات التالية.
يعطي أكثر من 50% من متحسسي الفول السوداني نتيجة إيجابية لاختبارات حساسية الجلد وكذلك اختبار الدم تجاه البقوليات الأخرى من نفس الفصيلة. ولكن 95% منهم يمكنهم تحمل تلك الأنواع من العائلة نفسها مثل فول الصويا، والعدس، والفاصوليا، وغيرها ولا يلزم تجنبها.
4- التفاعل التبادلي بين الفول السوداني ومكسرات الأشجار
كما ذكرنا سابقا أن الفول السوداني من العائلة القرنية وليس ضمن مكسرات الأشجار مثل البندق، والفستق، والكاجو، وغيرها. ومع ذلك، حوالي 35% من الأطفال المصابين بحساسية تجاه الفول السوداني عرضةً للحساسية تجاه مكسرات الأشجار أو لديهم بالفعل.
يوصي الأطباء بتجنب الأطفال لجميع أنواع المكسرات في حالة التحسس من الفول السوداني.
ينطبق أيضا على حساسية الفول السوداني والحساسية تجاه البذور مثل بذور السمسم حيث يعاني عدد قليل من التحسس تجاه النوعين. يحدث هذا نتيجة ظهور أكثر من حساسية تجاه الطعام بسبب الحساسية الشديدة بدلا من التفاعل التبادلي.
هناك درجة عالية من التفاعل المتبادل بين الجوز والبقان وبين الكاجو والفستق.
لا ينبغي بالضرورة أن يعاني من لديهم حساسية تجاه نوع واحد من مكسرات الأشجار من ردود أفعال تحسسية تجاه باقي المكسرات.
5- التفاعل التبادلي بين الأسماك
هناك الكثير من التفاعلات المتبادلة بين أنواع مختلفة من الأسماك بما فيها أسماك المياه المالحة والعذبة.
قد تصل خطر الإصابة من التحسس تجاه باقي أنواع الأسماك لدى من يعانون من حساسية تجاه نوع واحد إلى 50%.
6- التفاعل التبادلي بين قشريات الأسماك
هناك درجة عالية من التفاعل المتبادل بين أسماك القشريات مثل المحار، والجمبري، والسلطعون، وجراد البحر. وتصل خطر الإصابة بالحساسية تجاه القشريات الأخرى إلى 75%.
اقرأ أيضا: حساسية القشريات قد لا يتخطاها طفلك.
7- التفاعل التبادلي بين اللاتكس والأطعمة
يُعد اللاتكس منتج طبيعي مشتق من مادة لبنية مستخلصة من شجرة المطاط. ومن المنتجات المنتشرة للمطاط الطبيعي قفازات اللاتكس والبالونات.
يُسبب اللاتكس مجموعة من ردود الأفعال التحسسية وغير التحسسية. ومن أكثر الأنواع المثيرة للقلق هو رد الفعل التحسسي بواسطة الجلوبين المناعي IgE تجاه اللاتكس والذي ينتج عنه أعراض فورية مثل الطفح الجلدي، والتورم، والعطس، الحساسية المفرطة.
غالبا ما يعاني من 30 إلى 50% من المصابين برد فعل تحسسي بواسطة IgE تجاه اللاتكس أعراضًا مع نوع أو أكثر من الفاكهة عن طريق التفاعل المتبادل مع اللاتكس أي نتيجة تشابه البروتينات في كل منهما. ومن أمثلة الفاكهة الأكثر شيوعا الموز، والكيوي، والأفوكادو.
وبالرغم من هذا فإن انتشار هذا النوع من الحساسية بواسطة IgE تجاه اللاتكس نادر الحدوث.
8- التفاعل التبادلي بين حبوب اللقاح والطعام أو ما يعرف بـ (ظاهرة الحساسية الفموية)
تظهر لدى المصابين بالتحسس تجاه حبوب اللقاح أعراض تحسس فورية داخل وحول الفم والحلق بعد تناول الفاكهة الطازجة، والخضروات، والبذور؛ نتيجة احتوائها على بروتينات تظهر تفاعل متبادل مع حبوب اللقاح.
وتظهر ظاهرة الحساسية الفموية (oral allergy syndrome) جليةً فيما يأتى:
*قد يعاني مصابو حساسية حبوب اللقاح البتولا أعراضا بعد تناول التفاح النيء، والخوخ، والفاكهة منزوعة النوى، والفول السوداني، والجزر، وغيرها.
*كذلك يعاني الأشخاص المصابون بحساسية تجاه عشبة الرجيد ردود أفعال تحسسية مع الشمام أو البطيخ وتتضمن أعراضًا مثل الحكة، وشعور بوخز في الشفتين، واللسان، وسقف الفم والحلق. كذلك طفح جلدي وتورم في الشفتين واللسان نتيجة التلامس مع الجلد.
قد يتعرض حوالي 3% من المصابين إلى الحساسية المفرطة والدخول في صدمة تحسسية.
عادة ما تقل ردود الأفعال التحسسية مع طهي الطعام، وذلك لأن البروتينات التي تتفاعل مع حبوب اللقاح تكون هشة وتتحلل بالحرارة أو إنزيمات المعدة، والدليل على ذلك أن التفاح النيء يسبب أعراضًا تحسسية بينما تناول فطيرة التفاح لا تسبب أعراضًا.
وجديرا بالذكر، ليس كل من لديهم حساسية تجاه حبوب اللقاح يعانون من ظاهرة الحساسية الفموية (oral allergy syndrome).
اقرأ أيضا: طفلك يعاني من تحسس وغير مستقر رغم الالتزام بالحمية ولا تعلمين لماذا؟
يجب عليكي استشارة أخصائي الحساسية والتواصل معه دائما فور ظهور أعراض تجاه نوع جديد من الطعام ولا تقومي بتجنب هذا الطعام من تلقاء نفسك؛ لأنه سيكون لديكِ قائمة كبيرة من الممنوعات. فالطبيب هو من يحدد قائمة بالممنوعات والمسموحات لطفلك حسب حالته الصحية.
المصادر
1- https://www.kidswithfoodallergies.org/food-allergies-and-cross-reactivity.aspx
3- https://www.tdlpathology.com/specialties/allergy/cross-reactivity/
بقلم د.مريم صبري الباز